القديس الأنبا غاليـون السائح'
قال الأنبا اسحق رئيس دير القلمون : كان فى الدير راهب متوحد اسمه غاليون وقد نشأ فى احدى قرى الصعيد وقد منحه الله موهبة شفاء المرضى , وكان لايمل الصلاه ليلا ونهارا ولا يأكل غير دفعه واحده كل اسبوع.......
وكان قارئا ذا صوت جميل , خبيرا بقرأة الكتب , حافظا لطقوس الكنيسه وألحانها وتسابيحها , مواظبا على حضور الكنيسه وكان كاملا فى كل الفضائل , دخل الى الدير وهو شاب وظل فيه الى أن بلغ عمره قرابة التسعين عاما ولم يخرج خلالها من باب الدير.
'لاتظن انك تقتنى فضيله مالمتجاهد لأجلها حتى الدم .
شبـاك الشيطـان
تعب الشياطين من جهاد هذا القديس وثباته وصبره وانتصاره عليهم طوال هذه السنين فنصبوا له شباكهم الرديئه"....ذلك أن الشيطان أتى له فى شكل راهب وقابله وهو خارج ليلا من قلايته ليشترك فى الصلاه فى الكنيسه فى منتصف الليل وقال له:
(ياأخى غاليون أننا كنا أثنى عشر رجلا نسيح فى هذه البريه واليوم مات أحدنا ونحن لانرغب فى أن ينقص عددنا , فأنت تكون كمال العدد لأنك ناسك محب للأخوه محب للصلاه والتسبيح , وانت مستحق أن تكون معنا , وسننتظرك غدا عند باب الدير لنأخذك معنا فأحفظ هذا الكلام سرا ولاتعرفه لأحد.......).
خروجه من باب الديــر.
وفى اليوم المحدد خرج الأنبا غاليون ومعه عصاه فوجد أحد عشر رجلا فى زى الرهبان فساروا أمامه وهويتبعهم , وعبروا تلالا ومرتفعات وفى منتصف النهار وصلوا الى جبل عال فى مكان مقفر ليس فيه طعام ولا ماء ولا أحد البته وحينئذ جلسوا وأخذوا يهزاؤن به ويضحكون بطريقه لاتليق بالرهبان وكانوا فرحين وهم يقولون : (لقد أصطدنا فى هذه الليله صيدا صالحا وسيموت الان فى هذا القفر وتنحدر شيبته بحزن الى الهاويه).
الرجـوع الــى نفســـه.
فانتبه الانبا غاليون من غفلته وقال لنفسه ( هؤلاء القوم شياطين وليسوا قديسين ) ورشم ذاته بعلامة الصليب فلم يجد أحد منهم . وتأكد انه قد خدع من الشياطين فظل يبكى على خطيئته ويطلب من الرب الرحيم أن يقبل توبته وينقذه من ورطته وأعترف أمام الله بأنه أخطأ فى كسر قانونه واستمع لخداع الشيطان ولم يستشير اباعترافه فأخطأ أيضا فى ذلك اذ سار خلفهم تائها, ثم فتح فاه باكيا وقــــــــال :
(يارب لا تبكتنى بغضبك ولا تؤدبنى بسخطك , أرحمنى يارب فانى ضعيف اشفينى فان عظامى وهنت ونفسى هزعت جدا .فأنت تعلم أنى أحبك ياربى وقوتى . ثباتى أنت ملجأى ).
استجـابة اللـه لصلاتــه .
وان الله الرحيم رأى توبته الصادقه وقلبه المملوء نقاوة وحبا شاء ان يخلصه , فاستجاب لطلبه.
أصـوات ملائكيـــه.
وبينما هو يصلى سمع صوتا فالتفت فرأى ثلاثة أشخاص يرنمون قائلين : ( سبحوا الرب تسبيحا جديدا الرب الصانع العجائب العظام وحده هللويا) وكانت أصواتهم كأصوات الملائكه وكان الانبا غاليون يعرف اللحن فترنم معهم . وكان حذرا من الشيطان لئلا يكون يريد أن يخدعه بحيله أخرى. ولكنه قال فى نفسه لا يستطيع الشيطان أن يصلى المزامير .وظلوا تلك الليله يصلون ويسبحون حتى الصباح . ولم يسألواالأنبا غاليون عن أمر ولا هو سألهم . ثم جلسوا فى الصباح فسألهم الانبا غاليون عن شخصيتهم واذ هم رهبان من دير الانبا شنوده رئيس المتوحدين يسيحون فى البريه وقالوا له ( لقد عرفنا بالروح ما أصاب فاشكر الله ولنشكره جميعا لانه ينقذ المتواضعين ).
أقامتهـم بجوار عين مـاء.
وأقام القديس الانبا غاليون سائحا سنه كامله , وكانوا قد وجدوا عين ماء عذب فيها سمك كانوا يأكلون ويشربون منها وفى أحدى الأيام قال أحد الرهبان الثلاثه للأنبا غاليون ( ان أباك اسحق سأل الله أن يراك قبل وفاته فأسرع وامضى اليه).
وصولـه الى بـاب الديــر.
فسمع لهم واذ كان لايعرف الطريق أوصلوه الى باب الدير .
وكنت كنت أنا أسحق واقف أنتظره وفرحت برؤيته .
وقص علىّ خبره من أوله الى آخره واخذ منى الحل , وأنا اسحق أخبركم أنه من حين غاب ابنى غاليون عنى كنت أدعو الله أن يعرفنى أمره.
رؤيــــا سمائيــــه.
فرأيت فى منامى من يقول لى أنت اليوم تنظره فى الجسد , وفى اليوم السابع ينتقل من دار الباطل الى دارالحق . ولم يكن فى الدير قارىء مثله ولا من يحفظ التسابيح والالحان مثله . فبكيت عليه
وكان هو يعرف اليوم الذى يتنيح فيه كما عرفت أنا ولم أكن أعرف أنه يعلم.
فتقدمت اليه وقلت له خذ اليك موسى الشاب القارىء وعلمه طقوس الكنيسه وألحانها
فأخذ موسى اليه وقال ( ياولدى أقبل منى الروح الذى فى فأنى الى اليوم السابع أعيش ثم اتنيح )
وفى اليوم السابع تنيح الانبا غاليون وحضر الاباء وصلوا عليه كعادة الرهبان.