سلام ونعمة://
من هو القبطي الأرثوذكسي الأصيل والخادم الأمين
أن الروح الشرقية العميقة والوجدان القبطي الآبائي الكنسي التقليدي ذخيرة حية فينا لم ولن تفنى أبداً ، حتى أن لم نعيها أو ندركها فينا ، ولكنها في باطننا تسكن لأننا معجونين بها في عمق طبيعتنا الشرقية الأصيلة ...
ومن العجب حقاً أننا لا ندرك عمق وأصالة هذه الحقيقة المحملة بكل عمق كنيستنا المجيدة التي خطت تعليماً على يد آباء وشعب حب المسيح الرب وعاشوا حقيقتها لا بمجرد كلمات فلسفية إنما كروح وحياة وخطوا بدمائهم تعليماً حياً ينبض بروح الله الحي الذي يشع في الكنيسة نور المسيح ومجده على المستوى العملي التطبيقي ، بلاهوت حي ينبض في داخل القلب بسر التقوى وممارسة الأسرار ...
حقيقي وبكل صدق وأمانة إنجيلية حية في كنيسة الله المقدسة ، أن تأصلنا في التعليم الآبائي واستلمناه كما هو بكل أمانة التسليم الأمين ، بوعي وإدراك كحياة وخبرة لهو كفيل أن ينقلنا لعصراً ذهبياً لن يقل عن عصر القديسين الأوائل ، وخدمتنا ستصير حية تنبض بحياة الله بتقليد حي سيعشقه كل مخدوم ويحب الكنيسة لا كمجرد أنه منها أو فيها يسكن كطوب وحجارة ، بل سيصير فيها عضو حي بروح الآباء والقديسين والكنيسة ذاتها ، أي بروح القداسة والنقاوة والعفة ، روح الله القدوس ، فيصير للكنيسة عضواً حياً عاملاً فيها ، والكنيسة تصير له حية ويحبها لأنه منها وهي فيه ولا يقدر إطلاقاً أن يبتعد عنها قط ....
القبطي الأصيل من طبيعته أن يفهم الله ويستوعب أسراره المجيدة بقلبه ويخضع له بشعوره ووجدانه ولا يعتمد على البراهين العقلية كثيراً ، ويستخدم حاسته الروحية في تفهم الحق وفحصه وقبوله ، وبذلك يفهم كلمة الله فهماً صحيحاً ويستوعب الأسرار الإلهية بالتذوق والخبرة الروحية الأصيلة ، وذلك لأن طاقة الإحساس الروحي هي الطاقة الأصيلة والوحيدة في الإنسان المخصصة لمعرفة الله والحق !!!
وهو أن آمن مرة ولمست حقائق الله والكنيسة قلبه ، فهيهات للعقل أو للناس أو الشيطان أو مختراعات العالم كله أو الغنى وغرور المجد الباطل أن يزعزعها في داخله أو يحيده عنها ، ولا حتى ضعف ذاته أو حتى سقوطه في هفوات أو ظهور ضعفات يقدر أن يثنيه عنها أو يجعله يتراجع عن حياة الإيمان أو الاستمرار في التوبة وممارسة الأسرار !!!
لذلك اليوم أحب أن أعطيكم وعياً عن أصول الخدمة بل وحياتنا أيضاً ، لأن دعوتي هي دعوة الكنيسة ذاتها ، وهو أن نعود للنبع ألأصيل الذي لنا لنتعلم ونُعلم بدورنا ، نستلم ونُسلم أيضاً بدورنا ، فنقدم التقليد الحي النابض بالحياة ولا نميته على أفواهنا وفي ضمائرنا ، ولا حتى عقولنا ، لأننا أحياناً نحاول أن نخترع أفكار ونستحدثها لنخدم بها لنسر سامعينا ونعطيهم كل ما هو جديد ، والذي نحتار فيه أحيانا ونقول كيف نجدد الخدمة ونقدم فيها كل ما هو جديد ، وبسبب الهوس بكل ما هو جديد لنرضي جيلنا والجيل القادم لم نستطع أن نسلم روح الكنيسة بتقليدها الحي النابض بحياة الله ، ونحيا ونخدم بعيداً عن روح التسليم الآبائي الذي ينبغي أن نهضمه ونعيشه ونسلمه في صورة سهلة عميقة تناسب هذا الجيل في روح قيامة يسوع في سر التقوى والإيمان الحي وممارسة الأسرار !!!
يقول القديس الرائي بولس الرسول : [ وأنا لما أتيت إليكم أيها الإخوة أتيت ليس بسمو الكلام أو الحكمة مُنادياً لكم بشهادة الله ... لأني لم أعزم أن أعرف شيئاً بينكم إلا ويسوع المسيح وإياه مصلوباً ... وكلامي وكرازتي لم يكونا بكلام الإنسانية المقنع بل ببرهان الروح والقوة ، لكي لا يكون إيمانكم بحكمة الناس بل بقوة الله ] (1كو2: 1 – 5)
وبهذا المنهج الأصيل صنعت كنيستنا جيلاً بعد جيل وقدمت لحساب المسيح الرب عدداً هائلاً من الشهداء وأبطال المسيحية الخالدين ، لأن في الواقع العملي : كنيستنا في حقيقتها مدرسة روحية لاهوتية مليئة بأساليب تربوية عملية وروحية ثابتة وقادرة أن تشبع قلوبنا راحة وفرح وقوة ، وكفيلة لكل من يحبها ويعيشها بكل صدق أن تملأ حياته سلاماً واستقراراً وفهماً لكل مشاكل الحياة في كل الظروف وكل عصر ، وان يحتمل الآلام بصبر وفرح قلبي عميق ويراه في مجد قيامة يسوع ، والذين ذاقوا حبها وعاشوا بروحها يعرفون صدق هذا الكلام الحي الذي يعمل في داخلهم بقوة الأسرار ...
+ فيا أحبائي تشربوا من الكنيسة لا في سطحيتها ولا في ظل الخدمة الهزيلة والتي أصبحت بعيدة عن روحها العظيمة ، لأننا لا نحتاج اليوم إلى استحداث شيء فيها أو تغيير أساليب تربيتها لنا ، بل نحتاج فعلاً إلى تفهُّم منهجها الروحي المتقن والمُسَلَّم من الآباء القديسين ، والترتيب العملي القوي الذي يُصبُّ روحها في النفس ليُشع في كل اتجاه حياتنا !!!
+ + + يا أحبائي مخدومين وخداماً أو من لم يذهب للكنيسة قط ، أننا اليوم في أمس الحاجة أن نتربى ونربي من نبع تعليم آباءنا الأصيل النقي ، فلا نعود نبحث عن ماء عند أي منهج آخر يفتقر للماء الحي ، بل نرتوي من نبعنا الخاص فتخرج من بطوننا أنهار ماء حي تسقي العطشى وتقودهم إلى الحق ، حتى بدورهم يمتلئوا ويفيضوا أيضاً ، وهكذا نحقق صلاتنا [ من جيل إلى جيل وإلى دهر الدهور كلها آمين ]